اللواء منصور العيسوى وزير الداخلية
زيادة الوفيات الشُرَطية.. نتاج طبيعى لنشاط عصابات الإجرام المسلحة؟ أم مؤشر على ضعف الكفاءة المهنية لأفراد الشرطة؟.. وتسليط بعض وسائل الإعلام الضوء على حالات الوفاة، هل يأتى ضمن محاولة لخلق حالة من التعاطف الشعبى مع الشرطة؟ أم يسئ إلى هذا الجهاز ويضع علامات استفهام حول قدرته على ضبط العناصر الإجرامية؟.
النقيب هيثم عباس، عضو الائتلاف العام لضباط الشرطة المنحل، يتحدث عن زيادة عدد الوفيات الشرطية، مؤكدًا فى البداية أن حالات الوفاة تشير إلى عودة عناصر الشرطة لأداء مهامها، وترد على كل من يزعم وجود حالة من "الغياب الأمنى".
ويضيف عباس: "هناك سببين لزيادة الوفيات، الأول انتشار السلاح بصورة غير مسبوقة، والثانى ضعف التجهيز الأمنى لبعض العناصر الشرطية"، مضيفًا: "الأزمة ليست فى كفاءة أفراد الشرطة لكن فى عدم تجهيزهم بالصورة المثلى مما يجعلهم فريسة لبعض البلطجية"، مضيفًا: "يجب أن يتم منح الأفراد "سواتر" تقيهم من الرصاص ويجب تزويدهم بأسلحة متطورة تمكنهم من التصدى للبلطجية والمجرمين".
وانتقد عضو الائتلاف كل من يشكك فى قدرات ضباط الشرطة، قائلاً: "لدينا كوادر متميزة فى مصر، وكثير من الدول العربية ترسل أفراد الأمن إلينا ليحصلوا على دورات تدريبية" لكنه لفت إلى "وجود قلة من عناصر الشرطة لم تحصل على تدريب كاف خلال الأشهر الماضية عقب الثورة بسبب الضغوط المتزايدة على وزارة الداخلية".
وحدد عباس سبيلاً وحيدًا لتفادى زيادة الوفيات فى المرحلة المقبلة هو ضرورة تسليح أفراد الأمن وتجهيزهم بالصورة المثلى ليتعاملوا بحسم مع البلطجية والخارجين عن القانون خاصة بعد انتشار ما يقرب من 23 ألف قطعة سلاح فى السوق على حد قوله.
الحل السابق، الذى حدده عضو الائتلاف، لم يكن هو الأدق من وجهة نظر الخبير الامنى والعسكرى حسن الزيات، الذى قال إن ضمان التصدى الحاسم للمجرمين دون حدوث وفيات فى صفوف الشرطة يأتى عن طريق تفعيل "قواعد الاشتباك" والتى تنص على إطلاق النار على كل عنصر مسلح.
وحمّل الزيات المجتمع مسئولية "تخويف" أفراد الشرطة من ممارسة أعمالهم بالصورة المثلى، مؤكدًا أن كثيرًا من الضغوط المجتمعية الممارسة عليهم تجعل يترددون فى استخدام السلاح خوفًا من اتهامهم لاحقًا بقتل الأبرياء أو خوفًا من حالة الكراهية العامة ضد الشرطة.
وتوقع الخبير الأمنى زيادة أعداد الوفيات فى صفوف الشرطة ما لم يتم التشديد على أفرادها بضرورة التعامل الحاسم والحازم مع كل عنصر مسلح، وما لم يتعامل المجتمع بصورة متزنة مع هذا الجهاز المهم فى الدولة، وكذلك إذا لم يتم التصدى الحاسم لتجارة السلاح التى راجت مؤخرًا.
على الجانب الآخر، رفض محمد زارع مدير المنظمة العربية للإصلاح الجنائى اعتبار أفراد الشرطة "مجنى عليهم" من المجتمع، مؤكدًا أن حالات الوفاة التى يتعرض لها بعضهم ليست ظاهرة حديثه أو طارئة على المجتمع بل متواجدة منذ سنوات طويلة.
وتساءل زارع: "هل ستتوقف الشرطة عن عملها بسبب حالات الوفاة التى تعرض لها بعض الأفراد؟" مجيبًا: "يجب أن تستمر فى عملها وتدرك أن التصدى للعصابات الإجرامية المسلحة لن يكون سهلاً وهينًا وسيحتاج بعض التضحيات".
وعن التعامل الإعلامى مع وفيات الشرطة، سخر زارع، قائلاً: "كل يوم نقرأ أنباءً عن سقوط أفراد من الشرطة أثناء مطاردة بعض المجرمين، وكأن الأصل أن ينجو الخارجون عن القانون ويصاب الضباط والأمناء"، مضيفًا: "محاولات استعطاف الشارع للتضامن مع الشرطة جاءت بنتائج سلبية، الآن كثيرون لا يثقون فى قدرات الشرطة على القيام بواجباتها".
وأكد زارع، الذى أرجع تزايد الوفيات إلى انتشار الأسلحة أولاً وضعف كفاءة بعض الشرطيين ثانيًا، أن عدم نشر أنباء وفيات الشرطة سيكون أفضل لهم وللمجتمع كى لا يفقد الثقة فيهم.
لماذا لا يتعاطف المجتمع مع شهداء الشرطة؟ ولماذا يتذكرهم عند أنباء التعذيب والتنكيل وينساهم حين يفقدون أرواحهم أثناء العمل؟.. السؤالان السابقان وجهناهما إلى الدكتور خالد محمد صبرى استشارى الطب النفسى، والذى حملت إجابته نقداً لاذعًا لوسائل الإعلام.
قال صبرى: "هناك سببان رئيسان ساهما فى زيادة الفجوة بين الشعب والشرطة، وجعلا التعاطف مع أفراد الأمن أمر غير وارد فى حسابات كثير من المصريين، الأول هو وسائل الإعلام والثانى حالة عدم الاتزان النفسى التى يعيشها المجتمع".
وفصل استشارى الطب النفسى حديثه عن دور وسائل الإعلام، قائلاً: "الإعلام ضحى بالشرطة بعد ثورة يناير، وصوّر كل أفرادها على أنهم بلطجية ومسئولين عن حالات التعذيب وهذا سبب عدم التعاطف مع أفرادها حتى حين يتعرضون للوفاة أثناء تأدية مهام عملهم"، مضيفَا: "الإعلام أيضًا يمارس حملة تخويف ضد كل من يدافع عن الشرطة، حيثُ يتهمه بأنه من الفلول وأنه معاد للثورة وهذا أمر غير صحيح على الإطلاق".
ولفت صبرى إلى جانب مهم فى أزمة وفيات الشرطة، وهو "غياب الاتزان" النفسى عن بعض عناصرها، الأمر الذى يجعلهم غير قادرين على ضبط النفس أحيانًا فى مواجهة المجرمين، ويدفعهم فى أحيان أخرى إلى عدم استخدام القوة رغم حتمية ذلك، فيسقطون ضحايا للبلطجية.
0 التعليقات:
إرسال تعليق