المصريون يحتفلون بإحالة مبارك ونجليه للجنايات... والعرب قلقون

 مخاوف من تأثيرات سلبية لمحاكمة الرئيس السابق على الثورات العربية
إحتفل المصريون بقرار إحالة الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه للقضاء، الذي لطالما انتظروه منذ نجاح الثورة في الإطاحة بالنظام، لكن القرار يثير عاصفة أخرى من القلق لدى الثوار في الدول العربية الذين لم ينجحوا بعد في الإنتصار على حكامهم، حيث ستزيد صورة مبارك وهو خلف القضبان هؤلاء الحكام تشبثاً بالكراسي. 

Mubarak fate minefield for Egypt military
المصريون يحتفلون بقرار محاكمة مبارك ونجليه
أثار قرار النائب العام المصري بإحالة الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه علاء وجمال وصديقه المقرّب حسين سالم إلى محكمة الجنايات حالة من الإرتياح في أوساط المصريين، لاسيما أن القرار جاء في أعقاب عاصفة من الجدل حول وجود صفقة ما بين المجلس العسكري، الذي يدير شؤون البلاد، ومبارك، من أجل العفو عنه، مقابل رد الأموال التي أثيرت حولها شبهات، أسوة بما تم مع قرينته سوزان ثابت.
وبينما يحتفل المصريون بالقرار، الذي لطالما انتظروه منذ نجاح الثورة في الإطاحة بنظام حكمه، يثير القرار عاصفة أخرى من القلق لدى الثوار في الدول العربية الذين لم ينجحوا بعد في الإنتصار على حكامهم، خصوصاً في اليمن وسوريا وليبيا، حيث ستزيد صورة مبارك، وهو خلف القضبان، هؤلاء الحكام تشبثاً بالكراسي، وسوف يتمادون في الدفاع عنها حتى آخر قطرة دم في شعوبهم. وأكد خبراء قانون أن مبارك يواجه الحكم بالإعدام أو السجن المؤبد في حالة الإدانة بالتحريض على قتل المتظاهرين.
خطوة لإمتصاص ثورة الغضب الثانية
ووفقاً للدكتور مصطفى اللباد رئيس مركز الشرق للدراسات الإقليمية والإستيراتيجية، فإن إحالة مبارك ونجليه إلى محكمة الجنايات بتهم قتل المتظاهرين وإساءة استغلال النفوذ في التربح، هي خطوة مهمة في طريق إقرار الديمقراطية وإرساء دولة القانون في مصر بعد إنتصار الثورة.
وقال اللباد لـ"إيلاف" إن قرار الإحالة لا يمكن فصله عن الدعوات إلى تظاهرات مليونية يوم الجمعة المقبل، في ما يسمّى بـ "ثورة الغضب الثانية"، مشيراً إلى أن المائة يوم الماضية من عمر الثورة شهدت حالة من الإرتباك في إدارة البلاد من قبل المجلس العسكري الذي يدير شؤونها، وبدا واضحاً أن ليست لديه خطة واضحة لإدارة شؤون مصر في المرحلة الإنتقالية.
وألمح اللباد إلى أن القرار يأتي كمحاولة لإمتصاص غضب المصريين قبل جمعة الغضب الثانية في 27 مايو/أيار الجاري. ونوه بأن إحالة مبارك ونجليه وقيادات وزارة الداخلية في قضية قتل المتظاهرين كان مطلبًا شعبيًا منذ جمعة الغضب الأولى في 28 يناير الماضي، وتأخر تحقيقه كثيراً.
وفي ما يخص تأثير محاكمة مبارك على مستقبل الثورات العربية المشتعلة حالياً، قال اللباد إن هناك نموذجين للثورة في المنطقة الأولى في تركيا، والآخر في إيران، مشيراً إلى أن مصر إذا أتمت المحاكمة بعدالة فسوف تقدم نموذجاً جديداً للمنطقة والعالم كله في الثورة، التي تعلي مبدأ سيادة القانون، لا مبدأ الإنتقام.
ونوه اللباد بأن المحاكمة ليس لها أي تأثير على الثورات العربية القائمة حالياً، مشدداً على أن الحكام في اليمن وسوريا وليبيا يتشبثون بالكراسي، سواء تم تقديم مبارك إلى المحاكمة أو لا؟، والدليل أن الدول الخليجية قدمت مباردة لخروج صالح من السلطة وضمان عدم محاكمته هو وأسرته، إلا أنه رفض، وأصرّ على التمسك بالسلطة.
دعوة إلى محاكمة مبارك على الفساد السياسي
يؤكد السفير محمد رفاعة الطهطاوي عضو مجلس أمناء الثورة، أن إحالة مبارك إلى محكمة الجنايات بعد إجراء التحقيق معه هو ونجليه وكل رموز حكمه أمام النيابة العامة يعتبر مثالاً يحتذى به للثورات في مختلف أنحاء العالم، حيث لم تلجأ ثورة 25 يناير إلى إنشاء محاكم استثنائية أو محاكمتهم أمام محاكم عسكرية.
وأضاف الطهطاوي لـ"إيلاف" قائلاً إنه رغم أن المصريين عانوا طوال الثلاثين عاماً التي حكم فيها مبارك البلاد من الحياة تحت وطأة قانون الطوارئ محاكمة المعارضين أمام المحاكم العسكرية، إلا أنهم لم يعاملوه بالطريقة نفسها، بل عاملوه بالعدل الذي كانوا يطلبونه لأنفسهم.
ودعا الطهطاوي إلى عدم إغفال محاكمة مبارك على الجرائم السياسية التي ارتكبها في حق المصريين، مثل تطبيق قانون الطوارئ ضدهم طوال ثلاثين عاماً، وتزوير الإنتخابات، سواء الرئاسية أو البرلمانية أو المحلية، إضافة إلى تعذيب وقتل الآلاف من المواطنين في مقار الشرطة ومقار جهاز أمن الدولة المنحلّ.
ونوه الطهطاوي بأن محاكمة مبارك قد توثر في الثورات العربية سلبياً، حيث سوف تزيد من صعوبة مهمة الشعوب التي تناضل من أجل الحرية، لاسيما أن هؤلاء الحكام يشاهدون ما يحدث لمبارك وعائلته ورموز نظام حكمه الآن من محاكمات، قد تصل العقوبة فيها إلى الإعدام، مشدداً على ضرورة أن تستمر تلك الشعوب في ثوراتها حتى تحقق كامل أهدافها.
قرار تأخر كثيراً
من جهته، رحّب الناشط الحقوقي حافظ أبو سعدة بقرار الإحالة، معتبراً أنه سوف يشفي صدور أهالي الشهداء والمصابين، وأضاف لـ"إيلاف" أن مثول مبارك ونجليه أمام محكمة الجنايات إنتصار لدولة القانون والعدل التي قامت ثورة 25 يناير من أجل تأسيسها في مصر الجديدة، مشدداً على ضرورة منح مبارك حقه الكامل في الدفاع عن نفسه وفقاً لمبادئ القانون الدولي. ودعا أبو سعدة إلى أهمية العمل على إرساء دعائم الديمقراطية والدولة المدنية في مصر، وإستئصال جذور الفتنة الطائفية.
في السياق عينه، رحّب العديد من المنظمات الحقوقية بإحالة مبارك ونجليه وصديقه إلى محكمة الجنايات، ووصفت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بيان لها حصلت "إيلاف" على نسخة منه، القرار بأنه "خطوة مفصلية على طريق محاسبة أركان النظام السابق على جرائمهم بحق الشعب والثوار"، ودعت النائب العام ووزير العدل والمجلس الأعلى للقضاء إلى ضرورة تفعيل مبدأ علنية الجلسات، الذي يعد معياراً أساسياً للمحاكمة العادلة والمنصفة، بما يتضمنه ذلك من تمكين منظمات حقوق الإنسان المعنية بمتابعة وقائع الجلسات.
كما دعت أهالي شهداء الثورة والمصابين إلى استخدام الحق في الإدعاء مدنياً ضد مبارك ونجليه وسائر رموز نظامه، وتقديم ما لديهم من أدلة وقرائن إلى سلطات التحقيق والمحاكمة.
ووفقاً للمركز العربي لإستقلال القضاء فإن هذه الخطوة، على أهميتها، قد جاءت متأخرة بعض الشيء؛ الأمر الذي أثار العديد من الشكوك بشأن مدى إمكانية إحالة ومحاكمة الرئيس السابق إلى المحاكمة. وشدد في بيان له على ضرورة ألا تقتصر المحاكمات على رؤوس النظام السابق وحدهم، أو صغار التنفيذيين وحدهم، وإنما يجب أن تأتي هذه المحاكمات وفق إستراتيجية تعتمد الإصلاح السياسي والديمقراطي، والإصلاح المؤسسي، وكشف الحقائق، وتعويض الضحايا، وتخليد ذكرى المجني عليهم، وهي آليات وبرامج العدالة الانتقالية، التي تستهدف انتقالاً آمنًا للمجتمع المصري من الاستبداد إلى الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وطالب المركز بتوفير ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة لمبارك ورموز نظام حكمه، وكفالة كل حقوق الدفاع غير منقوصة، والحق في الطعن على الأحكام، والبعد عن دوافع الثأر والانتقام.
الإعدام أو المؤبد
قانونياً، يواجه مبارك عقوبات الإعدام إذا ما أدين بتهمة التحريض على قتل المتظاهرين والشروع في قتل آخرين، وقال المستشار بهاء أبو شقة عضو الهيئة العليا لحزب الوفد لـ"إيلاف" إن المادتين 230 و231 من قانون العقوبات المصري تنزلان عقوبة الإعدام شنقاً بحق المتهم بالقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وهي العقوبة نفسها التي تنزلانها بالمشترك معه، سواء بالتحريض أو الفعل أو التخطيط، مشيراً إلى أن المادة 41 من القانون نفسه، منحت القاضي عقوبة تخيرية في حالة المحرض على القتل، وهي الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة.
من جهته، قال المستشار عبد العزيز رئيس محكمة إستئناف القاهرة، التي يحاكم أمام دوائرها رموز النظام السابق، إنه لم يتسلم ملف قضية مبارك ونجليه وصديقه حسين سالم. وأكد لـ"إيلاف" أنه سوف يحدد فور تسلمه أوراق القضية الدائرة التي سوف يحاكم أمامها الرئيس السابق، مشدداً على أن كل ضمانات المحاكمة العادلة متوافرة.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Translation


About this blog

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

المتابعون

فيديو هات

أرشيف المدونة

عينة نص

صور

بحث هذه المدونة الإلكترونية

إعلان