الشيخوخة تحاصر مستقبل مصر.. عواجيز يتنافسون على رئاسة الجمهورية ومطالب بتحديد سن الترشيح بين 40 و 55 عاما.. ونور: الثورة قامت للإطاحة بـ"الكهول".. وأنصار العوا يردون "لو بالسن كان جمال مبارك أولى"

د. محمد سليم العوا المرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة 
          د. محمد سليم العوا المرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة

هل حمَل الشباب لواء الثورة ليقفز العواجيز عليها، ويتصدروا المشهد السياسى؟.. وهل تتبنى الوجوه "المكرمشة" التى تتنافس على رئاسة الجمهورية أحلام وتصورات ملايين الشباب؟.. ولماذا لم تفرز الثورة مرشحًا رئاسيًا غير طاعن فى السن يحمل آمال أبناء جيله بدلاً من الأسماء التى تضع إحدى قدميها فى القبر؟ وهل ستظل مصر دائمًا وأبدأ دولة للعواجيز؟


الأسئلة السابقة، هى أول ما يتبادر إلى الذهن عند النظر إلى أعمار الأسماء التى أعلنت رغبتها فى الترشح لرئاسة الجمهورية، وكذلك الأسماء التى رشحتها قطاعات عريضة من الشعب لخوض غمار هذا السباق.. فمن بين الـ18 مرشحًا للرئاسة الذين تواجدت أسمائهم فى الاستطلاع الذى أعلنه المجلس العسكرى على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" ضمت القائمة أربعة أسماء تجاوز أصحابها السبعين عامًا هم: عمرو موسى وعمر سليمان وكمال الجنزورى ومحمد على بلال، وستة مرشحين تتراوح أعمارهم بين 60 و70 عامًا، هم: محمد البرادعى ومحمد سليم العوا وعبد الله الأشعل ومجدى حتاتة وأحمد شفيق وهشام البسطويسي، بالإضافة إلى خمسة آخرين بين الـ 50 والـ 60 عامًا، هم: مجدى أحمد حسين ومرتضى منصور وعبد المنعم أبو الفتوح وحمدين صباحى وحازم صلاح أبو إسماعيل، وثلاثة بين الـ 40 والـ 50 عامًا هم بثينة رشوان وأيمن نور وتوفيق عكاشة.

تشير هذه الأرقام إلى أن 55% من المرشحين للرئاسة حتى الآن تخطوا عقدهم السابع، وبعضهم قارب على الثمانين من عمره، فى حين لم تزد نسبة المرشحين دون الـ 50 عامًا عن 16% فقط، وتشير الأرقام أيضًا إلى أن الأسماء الأكثر شعبية والأقرب للوصول إلى كرسى الرئاسة، وفقًا لاستطلاعات رأى عديدة، مثل محمد البرادعى "69 عامًا" ومحمد سليم العوا "69 عامًا" وعمرو موسى "74 عامًا" من فئة "الكهول" التى تفصلها "فجوة عمرية" كبيرة عن غالب القطاعات التى شاركت فى ثورة 25 يناير.

أيمن نور، مؤسس حزب الغد، وثانى أصغر مرشح بعد توفيق عكاشة، يتحدث عن "سباق العواجيز" مؤكدًا أن كثرة المرشحين "الكهول" أمر غير مُرحب به بعد الثورة، التى قامت من أجل الإطاحة ببعضهم على حد قوله.

ويضيف نور ابن الـ 46 عامًا: "عانت مصر طويلاً من إسناد المهام للعواجيز.. الآن نحن فى مرحلة جديدة تعتمد بصفة أساسية على الشباب، وتحتاج إليهم ليتصدروا المشهد السياسى" متابعًا: "الأزمة الرئيسية لا تتمثل فى تقدم أعمار هؤلاء العواجيز فقط، وهو ما سينعكس حتمًا على قدرتهم على تسيير شئون البلاد، ولكنه يرتبط أيضًا باعتيادهم على أنماط العهد السابق فى الإدارة، وهذه كارثة تهدد باستنساخ نظام مبارك فى المستقبل".

وذهب مؤسس حزب الغد إلى أبعد من ذلك، حين أكد على أن الصراع فى الانتخابات الرئاسية المقبلة لن يكون "صراع إيديولوجيات" ولكن سيكون "صراع أجيال" فى المقام الأول، ينحاز فيه الشباب "القطاع الأكثر نشاطًا وديناميكية فى المجتمع" إلى المرشحين الذين يمثلونهم ويعبرون عنهم، مبديًا تخوفه من وجود خطر كبير على الثورة إذا تمكن "العواجيز" من الوصول للحكم.

الرأى السابق لـ"نور"، لم يستثغه أنصار المفكر الإسلامى والخبير القانونى محمد سليم العوا، الذى يعد من كهول السباق، ورغم ذلك يركض بسرعة الصاروخ نحو قمة الاستطلاعات الإليكترونية الخاصة بمرشحى الرئاسة.

أما أحمد حامد، أحد منسقى حملة ترشيح العوا للرئاسة، نبّه بداية إلى وجود قاعدة "خاطئة" على حد وصفه، ينطلق منها كثيرون إلى نتيجة "غير دقيقة" وهى افتراض أن الثورة "قام بها الشباب وحدهم، ثم قفز عليها الشيوخ" والصحيح، كما يرى، أن دور الشباب تركز فى "إشعال الفتيل" ثم كان للشيوخ دور بارز فى تثبيت الثورة بتوجيهاتهم المتتالية".

واستنادًا إلى هذه الرؤية يؤكد حامد أن من يحاول إقصاء بعض كبار السن من المشهد السياسى عمومًا، ومن السباق الرئاسى على وجه الخصوص، شخص "سطحى" لأنه يربط بين "تقدم السن وقلة الكفاءة" وهذا خلط لا معنى له على حد قوله، ويضيف: "مبارك كان ينوى توريث السلطة لابنه جمال، وكان الأخير شابًا فى الأربعينات فهل كنا نوافق على ذلك من أجل دعم الشباب؟.. الأمر أبعد من ذلك، مصر لم تثر على العواجيز كما يردد البعض، لكنها ثارت على الفساد بكل أشكاله وألوانه، سواءً كان هذا الفساد فى جيلى الوسط والشباب أو فى العواجيز".

وسخر حامد من محاولات بعض المرشحين التركيز على "أعمار منافسيهم" مؤكدًا أن حديثهم عن "كبر سن الآخرين" لا قيمة له على الإطلاق، لأن العبرة بالقدرة على الإدارة السليمة، ووضع التصورات المستقبلية على حد قوله.

بين الرأيين السابقين، وقف الباحث السياسى عمار على حسن مائلاً قليلاً إلى منتقدى "دولة العواجيز" ومتضامنًا كليًا مع "ضرورة إعادة الشباب لخريطة الساحة السياسية المصرية"، ورافضًا فى الوقت ذاته أن يتحول السؤال الرئيسى خلال المرحلة المقبلة إلى "من هو الأصغر سنًا؟" بدلاً من أن يكون "من هو الأصلح والأكفأ؟".

وقال حسن: "دولة العواجيز فى مصر لها جذور متغلغة، لذلك سارعت فى العودة لصدارة المشهد السياسى والاجتماعى عقب نجاح الثورة، ويتضح ذلك فى الوزراء والمحافظين الذين تم تعيينهم، وسبب هذا هو وجود تصور مجتمعى أن "كبار السن" يحسنون الإدارة أكثر من الشباب، ويمتلكون خبرة أكبر، وهذا تصور خاطئ لأن حسن الإدارة والخبرة لا ارتباط بينهما وبين عمر صاحبهما بصورة مباشرة".

وانتقد الباحث السياسى بحدة إعلان بعض الأسماء الطاعنة فى السن نيتها فى الترشح لرئاسة الجمهورية، واصفًا ذلك بـ"الاستفزاز للثورة"، وخصّ بحديثه عمرو موسى ابن الـ 74 عامًا، قائلاً: "كيف لرجل فى هذا السن أن يعلن نيته فى الترشح للرئاسة، حين تقام الانتخابات سيكون فى الـ 75 من عمره، وإذا نجح فسينهى دورته الانتخابية وهو على مشارف الثمانين.. ماذا سيقدم لنا؟، وهل يقوى على مهام االرئاسة؟.. كان الأولى له ألا يقدم على تلك الخطوة من الأساس".

واستدرك حسن، مؤكدًا على أن انتقاده لبعض "العواجيز" لا يعنى "التقليل" أو "التسفيه" منهم، مشيرًا إلى أن منهم أصحاب رؤية ثاقبة ونافذة تحتاجها مصر خلال المرحلة المقبلة"، وتحدث أيضًا عن أسباب عزوف بعض الشباب عن محاولة الصعود إلى قمة المشهد السياسى أو الترشح للرئاسة قائلاً: "كثير منهم يخشون اقتحام الساحة حاليًا خوفًا من الاتهامات بـ"حب الظهور" و"عدم الوطنية"، إلا أن جهودهم الثورية ستتبلور خلال السنوات المقبلة خاصة إذا نجحوا فى حجز مواقع لهم داخل البرلمان".

التحفظات التى أبداها "نور" و"حسن" على ترشح الطاعنين فى السن لمنصب رئاسة الجمهورية، تحولت إلى سعى للإقصاء التام فى حديث عاصم الدسوقى خبير التاريخ السياسى، الذى تعجب من محاولة العواجيز القفز على الثورة مطالبًا بوضع حد أدنى وحد أقصى للترشح لرئاسة الجمهورية.

وقال الدسوقي: "ظاهرة ارتقاء العواجيز على أكتاف الثوار لتصدر المشهد السياسى غير مسبوقة فى التاريخ المصرى، خاصة أن أغلب هؤلاء الطاعنين فى السن كانوا "صامتين" على أخطاء النظام السابق، ولم يبذل أغلبهم أى دور وطنى يحسب له فى الفترة الماضية"، مضيفًا: "كان الأولى بهم ألا يترشحوا للرئاسة ليس فقط لأنهم لم يقوموا بدور فى الثورة، ولكن لأن أعباء الرئاسة كثيرة وتحتاج شابًا أو أحد المنتمين لجيل "الوسط" من أجل القيام بها على الوجه الأمثل".


وتمنى الدسوقى أن يتم وضع شرط عند فتح باب الترشح للرئاسة ينص على ألا يقل عمر المترشح عن 40 عامًا وألا يزيد عن 55 عامًا، لأن هذا سيضمن للمجتمع على حد قوله تواجد رئيس مفعم بالحيوية لا تثقله أعباء المرض وتقدم السن عن أداء مهامه على الوجه الأمثل.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Translation


About this blog

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

المتابعون

فيديو هات

أرشيف المدونة

عينة نص

صور

بحث هذه المدونة الإلكترونية

إعلان